عيد الأضحى.. فداء ومناسك وأفراح

عيد الأضحى فرصة للمزارعين لتحقيق إيرادات
ذبح الأضاحي من السنن المؤكدة يوم العيد (الجزيرة نت-أرشيف)

عيد الأضحى أحد العيدين المعتمدين شرعا في الإسلام؛ يحل في العاشر من ذي الحجة كل سنة هجرية، ويعد يوم "الحج الأكبر" الذي يقوم فيه الحجاج بأغلب المناسك. وفيه يؤدي المسلمون في كل بقاع العالم شعائر دينية محددة، ويعيشون أفراحهم ويسود التضامن بينهم.

التسمية

له تسميات أخرى في الثقافات الشعبية للدول العربية والإسلامية، حيث يسمى أيضا "العيد الكبير" في مناطق المغرب العربي وبعض مناطق الشام، و"عيد الحجاج" في بعض مناطق الخليج العربي، و"عيد القربان" لدى بعض الشعوب المسلمة في آسيا مثل تركيا وإيران.

والعيد في اللغة اسم لكل ما يُعتاد، كما سمي كذلك لأنه يعود ويتكرر كل عام، وإذا كان لغير المسلمين الكثير من الأعياد الدينية السنوية، فإن الإسلام شرع لأتباعه عيدَين سنويين فقط؛ جعلهما من شعائره الكبرى وربطهما بركنين عظيمين من أركان الدين الخمسة، وهما عيد الفطر في نهاية شهر الصيام (رمضان)، وعيد الأضحى في وسط موسم الحج تاليا ليوم عرفة المعظم.

التاريخ

شُرع عيد الأضحى في السنة الثانية للهجرة، وقد نص الفقهاء ورواة السيرة النبوية على أن أول صلاة عيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم كانت صلاة عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وأن أول صلاة عيد أضحى صلاها كانت في السنة نفسها.

وصحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما قدم المدينة مهاجرا من مكة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال صلى الله عليه وسلم "كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم اللَّه بهما خيرا منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى".

كما يحيي المسلمون في عيد الأضحى قصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث رأى في المنام أنه يذبحه، ولما هم بتطبيق هذه الرؤيا فدى الله إسماعيل بكبش وأمر إبراهيم أن يذبحه بدل ذبح ابنه.

وهي القصة التي يلخصها القرآن الكريم في آيات منها قوله تعالى "فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم". (سورة الصافات. الآيات 102-107).

شعائر العيد

ويُحيي المسلمون في بقاع العالم عيد الأضحى المبارك وسط أجواء يسودها الفرح والبهجة، فتقام صلاة العيد في الجوامع والمصليات والساحات المفتوحة، وفي صدارتها صلاة العيد وخطبتها عند بيت الله الحرام بمكة المكرمة، وتشدو حناجر المؤمنين بالذكر والتكبير.

كما يتقرب المسلمون إلى الله تعالى أيام العيد بذبح أضاحيهم، ويتزينون بجديد الثياب، ويتبادلون التهاني والتبريكات بمقدم العيد.

وقد شرع الإسلام في عيد الأضحى مجموعة من الشعائر الجماعية ليؤديها المسلمون فيه حيثما كانوا، ومن أبرز هذه الشعائر:

1- التكبير
يُشرع التكبير في البيوت والمساجد عقب الصلوات وفي الأسواق وغيرها من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق (اليوم الـ13 من ذي الحجة) لقوله تعالى "واذكروا الله في أيام معدودات". ومن أشهر صِيغ التكبير في العيد "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

2- صلاة العيد
يصلي الإمام بالناس في صلاة العيد ركعتين ثم يخطب بهم خطبتين، ويُسن أن يبكر بالصلاة إذا ارتفعت الشمس. وصلاة العيد سنة مؤكدة عند بعض المذاهب، وقال بعضها الآخر بوجوبها عينا أو كفاية، أما حضور خطبتها فهو مستحب لا واجب.

وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة ولا نداء، وإنما يصلي الإمام بالناس ركعتين جهرا، يكبر في الأولى 7 تكبيرات، وفي الثانية 5 تكبيرات.

ومن السنة النبوية أن يسلك العائد من مصلى العيد طريقا آخر غير الطريق الذي سلكه في ذهابه إليه. كما يُستحب له الاغتسال والتعطر ولبس أحسن الثياب وفق المستطاع.

3- الأضحية
من السنن المؤكدة يوم العيد ذبح الأضاحي والإهداء منها للفقراء والمحتاجين، وتشترط لها شروط مقررة في كتب الفقه الإسلامي تتعلق بنوعها وسنها وصفتها وصحتها.

ويجب أن تكون الأضحية من الأنعام، وهي الإبل، والبقر، والغنم من الضأن والماعز، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين سمينين، عظيمين أملحين، أقرنين.

ويجزئ في الأضحية من الشياه ما أكمل 6 أشهر، ومن البقر ما أكمل سنتين، ومن الإبل ما أكمل 5 سنوات، كما يجب أن تكون خالية من العيوب، حيث لا يجوز التضحية بالعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تُنقي.

ولا تُذبح الأضاحي أو تُنحر إلا بعد انتهاء صلاة العيد، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح"، أما بالنسبة للحجاج في منى فيذبحون بعد ارتفاع الشمس لأنه ليس عليهم صلاة عيد.

ويستمر الوقت المشروع لذبح الأضاحي من يوم النحر (عاشر ذي الحجة) وحتى نهاية أيام التشريق، لقوله صلى الله عليه وسلم "كل أيام التشريق ذبح".

ومن السنة أن يأكل الإنسان من أضحيته ويطعم منها أهله وأقاربه ويتصدق منها على الفقراء والمحتاجين.

4- الفرح والتهاني
ومن السنة إظهار الفرح والسرور في أيام العيد والتوسعة على النفس والأهل بممارسة أنواع الترويح والترفيه المباح شرعا.

ومنها كذلك زيارة الجيران والأقارب والأصدقاء وتبادل عبارات التهاني بأي لفظ معروف، مثل "عيدكم مبارك"، و"تقبل الله منا ومنكم". فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض "تقبل الله منا ومنك".

ومن مقاصد تشريع العيد تنمية مشاعر الأخوة بين الناس، وتذكيرهم بفضائل الله ونعمه على عباده، وما يستلزمه ذلك من تعظيم شعائر الله، ونبذ كل أشكال التخاصم والشحناء، وإدخال السرور والفرحة على الناس، والتوسعة على الأسرة، وتمتين روابط المحبة والرحمة والتعاون والتضامن بين أفراد المجتمع.

المصدر : الجزيرة