روسيا.. وريثة الاتحاد السوفياتي والقوة العسكرية الثانية في العالم

خارطة روسيا-كراسنويارسك
خريطة روسيا الاتحادية (الجزيرة)

جمهورية روسيا الاتحادية، دولة عظمى تمتلك أكبر مخزون من الرؤوس الحربية النووية ويصنف جيشها القوة العسكرية الثانية في العالم، وهي أكبر دولة من حيث المساحة وتشمل أراضيها شمال آسيا وحوالي 40% من مساحة أوروبا. 

تعتبر روسيا وريثة للاتحاد السوفياتي، الذي تفكك عام 1991 لتصبح الجمهوريات التي كان يتشكل منها دولا مستقلة. وهو قوة عظمى تأسست عام 1922 على أنقاض الإمبراطورية الروسية التي أطاحت بها الثورة البلشفية عام 1917، وكانت واحدة من أقوى إمبراطوريات العصر الحديث.

في 18 مارس/آذار 2024 انتخب الرئيس فلاديمير بوتين لمأمورية جديدة هي السادسة له في الحكم والرابعة على التوالي، وهو واحد من ثلاثة رؤساء حكموا روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي وأطولهم مدة في الحكم.

المعلومات الأساسية:

الاسم: جمهورية روسيا الاتحادية

الاسم المختصر: روسيا

العاصمة: موسكو

اللغة: الروسية (رسمية)، إضافة إلى عدد من اللغات التي تتكلمها الأقليات مثل دولغانغ والألمانية والشيشانية والتترية.

النظام السياسي: جمهوري اتحادي.

تاريخ الاستقلال/اليوم الوطني: 24 أغسطس/آب، وهو يوافق تاريخ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991.

العملة: روبل.

Nature landscape with green grass meadow and churches of Christian monastery with golden cupolas, domes. Holkovsky Monastery, Russia; Shutterstock ID 1557336005; purchase_order: ajanet; job: ; client: ; other:
دير هولكوفسكي بمقاطعة بيلغورود في روسيا (شترستوك)

الجغرافيا

الموقع: تمتد روسيا على مناطق شاسعة شمال آسيا وشرق أوروبا، ولها حدود برية بطول 20.241 كيلومترا مع عدة دول مثل النرويج وفنلندا وإستونيا ولاتفيا من الشمال الغربي، وروسيا البيضاء وأوكرانيا غربا، وجورجيا وأذربيجان من الجنوب الغربي، وكازاخستان ومنغوليا جنوبا، والصين وكوريا الشمالية في الشرق الجنوبي.

المساحة: 17.098.242 كيلومترا مربعا.

الموارد الطبيعية: النفط والغاز الطبيعي والخشب.

المناخ: قاري رطب في معظم المناطق الواقعة في القارة الأوروبية، وشبه قطبي في منطقة سيبيريا، وقطبي في القطب الشمالي.

السكان

العدد: نحو 146 مليون نسمة في يناير/كانون الثاني 2024 حسب المصلحة الفدرالية الروسية للإحصاء الحكومي.

نسبة النمو: سالب 0.17%.

التوزيع العرقي: 81.5% روس، 3.9% تتار، 1.4% أوكرانيون ومثلها بشكيريون، إضافة إلى قوميات أخرى مجموعها 160 عرقية مختلفة.

الديانة: الغالبية العظمى من السكان الروس يعتبرون أنفسهم مسيحيين أورثوذكسا، ويشكل المسلمون 5%، وكثير من الروس ملحدون بسبب التأثير الشيوعي في عهد الاتحاد السوفياتي السابق.

Prokhorovka, Belgorod oblast, may 29, 2016, with the chorus in Russian national costumes singing folk songs and dancing folk dance Ethnic festival "Malanya"; Shutterstock ID 1042075414; purchase_order: ajanet; job: ; client: ; other:
فرقة موسيقية نسائية روسية باللباس الشعبي في المهرجان العرقي "مالانيا" بمقاطعة بيلغورود في روسيا (شترستوك)

التاريخ

تعود أصول الروس إلى مجموعات تنتمي إلى العرق السلافي، فبعد هجرات خلال القرنين الرابع والسابع الميلاديين من غرب ووسط أوروبا استوطن السلافيون شرق أوروبا وتحديدا منطقة روسيا الحالية التي كانت قبل ذلك ولفترة طويلة موطنا للقبائل الفينية الأوغرية.

ويتحدث المؤرخون عن فرضيات عدة لأصل كلمة روس، التي وردت في المصادر البيزنطية والعربية، ويشار إلى ارتباطها باسم الأمير ريوريك، وهو أول من وحّد القبائل السلافية الشرقية منتصف القرن التاسع بعد فترة طويلة من الصراعات في دولة مستقلة ضمت إليها لاحقا دولة كييف المجاورة، وعرفت باسم "روس كييف".

وبعد اعتناق الأمير فلاديمير الأول الديانة المسيحية على المذهب الأرثوذكسي عام 988م، أصبحت دين الدولة وانتشرت في مختلف بلاد الروس.

وبفعل النزاعات الداخلية والغزوات المغولية في القرن الثالث عشر أصبحت الدولة منقسمة إلى إمارات عدة، برزت بينها موسكو قوة سياسية وثقافية يطمح أمراؤها إلى توحيد الأراضي الروسية، وهو ما تحقق بعد هزيمة المغول عام 1480 ثم استغلالهم في مساعدة الإمارة الصاعدة على سحق التهديدات من باقي الإمارات.

حلم روما الثالثة

لم تعترف موسكو بمطران كييف (رتبة كنسية تمنح للأسقف) وسلطته على الكنيسة الأرثوذكسية في عموم روسيا، وابتداء من عام 1448 أصبح لموسكو مطران جديد انتخبه الأساقفة، وابتداء من هذا التاريخ انتزعت موسكو السلطة الدينية من كييف.

وإثر انهيار الدولة البيزنطية بعد فتح القسطنطينية من العثمانيين عام 1453 سعى أمراء موسكو إلى جعلها روما الثالثة، وحصل رئيس الكنيسة الروسية على لقب بطريرك ووضع نفسه في مرتبة بطاركة الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم (القدس)، إلا أن الكنائس الأرثوذكسية لم توافق على منح اللقب لموسكو فضلا عن رفضها الكاثوليكية.

ومع وصول أمير موسكو إيفان الرابع -المعروف بإيفان الرهيب- للسلطة استغل الكنيسة لمنح سلطته الشرعية الدينية وتوج أول قيصر (إمبراطور) لروسيا عام 1547، فأصبح يتمتع بسلطة مطلقة وهو ما استغله في عقاب من لا يرضى عنه.

عام 1584 تقلد الحكم ابنه ثيودور الأول، لكنه كان قيصرا ضعيفا، فعرفت البلاد في عهده وبعده حالة من الاضطراب استمرت لعدة سنوات، وفي تلك الفترة احتلت موسكو من طرف البولنديين.

حكم عائلة رومانوف

بعد أن تمكن الروس من استعادة موسكو من البولنديين عام 1612م اختير ميخائيل رومانوف قيصرا جديدا ليبدأ حكم عائلته للإمبراطورية الروسية ويستمر حتى الثورة البلشفية عام 1917.

كان رومانوف شابا صغيرا ضعيف التجربة، إلا أنه استطاع خلال فترة حكم امتدت نحو 30 عاما أن يحقق الكثير للشعب الروسي، كما سعى من أجل اللحاق بأوروبا الغربية المتقدمة بفضل الثورة الصناعية، لكن مع قرارات صارمة بحظر ملابس الغربيين ومنع تعاطي التبغ وتحريم زواج الأسر الحاكمة من غير الأرثوذكس، كما طرد البروتستانت لقطع الطريق أمام تأثيرهم في بلاده.

وأصبحت الإمبراطورية الروسية في عهد هذه الأسرة واحدة من أكبر الإمبراطوريات في العالم الحديث، كما توسعت أراضيها حتى آلاسكا وخاضت حروبا مع الصين واليابان والدولة العثمانية التي حققت أمامها انتصارات عديدة وانتزعت بعض أراضيها.

وفضلا عن القوة العسكرية والتكتيك الذي تستخدمه الجيوش الروسية، فإن الموقع الجغرافي والظروف المناخية القاسية مكنت هذه الإمبراطورية من تحقيق انتصارات هامة على الغزاة، كان من أشهرها ما وقع لجيش نابليون بونابرت عام 1812م، حيث استخدم الروس تكتيك التراجع وحرق الأرض لاستدراج قواته واستنزاف قدراته ليلحق موسم الشتاء الهزيمة بالجيش الفرنسي المنهك.

لكن الإمبراطورية واجهت ضربة قوية عام 1855م في هزيمتها بحرب القرم أمام تحالف يضم فرنسا وبريطانيا والدولة العثمانية وسردينيا ودوقية ناسو، ما أظهر ضعف قوتها البرية والبحرية بعد أن ساد الاعتقاد بأنها قوة عظمى إثر هزيمة بونابرت.

الثورة البلشفية

يرجع الباحثون قيام الثورة البلشفية التي أطاحت بحكم عائلة رومانوف عام 1917 إلى أسباب عديدة، منها آثار الحروب والهزائم والرغبة في الإصلاح واللحاق بدول أوروبا الغربية الأكثر تقدما، فضلا عن عبء 3 قرون من حكم عائلة واحدة.

إلا أن المطالب التي بدأت تتنامى ضد نظام الأقنان (فلاحون نصف أحرار يعملون لدى النبلاء بأجرة) والقرار الذي اتخذه القيصر ألكسندر الثاني بإلغاء هذا النظام عام 1861، كان له تأثير بالغ على مسرح الأحداث في روسيا، التي كان يعيش بها حتى ذلك التاريخ نحو 23 مليونا يعانون من ظروف لا تقل سوءا عما عاناه العبيد في أوروبا الغربية خلال القرن الخامس عشر والولايات المتحدة في القرن الثامن عشر.

وأدى تحرير هذا العدد إلى رفد المدن الروسية الكبرى بيد عاملة حرة، فنما القطاع الصناعي وتزايدت الطبقة الوسطى وتعزز تأثيرها في المجتمع، إلا أن بعض مظاهر النظام الملغى ظلت قائمة، فالفلاحون أصبحوا ملزمين بدفع ضرائب للدولة مدى الحياة مقابل الأراضي الزراعية.

ومع وصول القيصر نيقولا الثاني للحكم عام 1894م تنامت مطالب الإصلاح وظهرت أحزاب سياسية بينها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي تبنى الأفكار الماركسية ودعا إلى تطبيقها في روسيا، ثم انقسم إلى المناشفة (الأقلية/المعتدلون) والبلشفية (الأغلبية/المتطرفون).

وتزعم الجناح البلشفي منظر الثورة فلاديمير لينين، فبدأ تشكيل نخبة من الثوريين لتكون طليعة الطبقة الكادحة تمهيدا للاستيلاء على السلطة، وفي عام 1905 وبعد هزيمة روسيا أمام إمبراطورية اليابان أطلق الجنود النار على المتظاهرين المطالبين بالنظام الجمهوري أمام القصر في سانت بطرسبورغ فقتل أكثر من 100 شخص، ما جعل المطالب التي يحملها البلاشفة تحظى بالمزيد من المؤيدين.

فبعد هذه الحادثة ظهرت في مختلف المدن الروسية مجالس العمال (السوفيات)، وهي ترفع مطالب ثورية وتشل عمل الدولة من خلال الإضراب عن العمل، فاضطر القيصر نيقولا الثاني إلى إصدار قرار بإنشاء مجلس الدوما الوطني (البرلمان) لكن بصلاحيات محدودة، وعام 1914 دخلت روسيا الحرب العالمية الثانية إلا أن الجيش كان محطم المعنويات رغم أنه وصل ألمانيا.

ومع الأشهر الأولى عام 1917 شلّت الإضرابات العمالية مصانع سانت بطرسبورغ واندلعت المواجهات مع المتظاهرين، فأعلن القيصر حل الدوما ودعا العمال للعودة إلى عملهم، لكن أوامره قوبلت بالعصيان وأبلغ الدوما بالتنازل لأخيه عن الحكم ميخائيل روفتش.

كما أنشأ الدوما -الذي رفض قرار حله- حكومة مؤقتة، وألقي القبض على القيصر وأعدم مع زوجته وابنه وبناته وخدم العائلة في 17 يوليو/تموز 1918، ثم انقلب البلاشفة على الحكومة المؤقتة بتهمة اتباع سياسة إمبريالية.

 وراثة الاتحاد السوفياتي

بعد نجاح الثورة البلشفية أصبح فلاديمير لينين رئيسا لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية، إلا أن البلاد عرفت حربا أهلية بين الثوريين الحمراء والبيضاء استمرت لنحو 5 سنين وأصيب خلالها لينين في محاولة اغتيال، وانتهت بانتصار الحمر عام 1922.

وفي العام ذاته تأسس الاتحاد السوفياتي الذي ضم روسيا وأوكرانيا والقوقاز وبيلاروسيا، وكلها دول كانت معظم أراضيها خاضعة لسيطرة الإمبراطورية الروسية، كما ضم الاتحاد في مرحلة لاحقة مزيدا من دول المنطقة فأصبح يمثل نحو سدس مساحة اليابسة.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 تصدر الاتحاد السوفياتي المشهد إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية كأكبر قوتين في العالم، ومع أن الحرب جمعتهما في صف واحد إلا أنهما دخلا بعدها في صراع دام 5 عقود وعرف بالحرب الباردة، وتجلت أبرز ملامحه في سباق التسلح وغزو الفضاء والحروب بالوكالة.

وبسبب الأزمات الداخلية ونتائج سياسات القادة، تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991 وورثته روسيا لتصبح القوة النووية العظمى عالميا وصاحبة أكبر مخزون من الرؤوس الحربية النووية.

وفي 18 مارس/آذار 2024 انتخب فلاديمير بوتين لمأمورية جديدة هي السادسة له في الحكم والرابعة على التوالي، إذ تولى الرئاسة عام 1999 خلفا لأول رؤساء روسيا الاتحادية بوريس يلتسن، وبعد مأموريتين رشح صديقه ديمتري ميدفيدف عام 2008 ليصبح هو رئيسا للحكومة، ثم عاد بوتين للرئاسة من جديد.

الاقتصاد

كان تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاد روسيا محدودا على عكس التوقعات، خصوصا في ظل العقوبات الأوروبية والأميركية التي شملت فرض قيود على الصادرات وتجميد احتياطات من العملة الصعبة وأصول بعض البنوك الروسية واستبعاد أخرى من التحويل السريع للأموال.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لروسيا 2.24 ترليون دولار عام 2022، بينما بلغت نسبة النمو 3.6% عام 2023، والناتج الفردي السنوي 13010 دولارات، ونسبة البطالة 3% في ديسمبر/كانون الأول 2023، ونسبة التضخم 11%، والدين الخارجي 381.8 مليار دولار عام 2023.

أهم المنتجات الزراعية: النفط والغاز والفحم والمواد الكيميائية والمعادن والطائرات والأسلحة والحبوب والسكر والخضراوات والفواكه.

المصدر : الجزيرة