الأوزون.. درع الأرض الواقي من حرارة الشمس

طبقة من الغلاف الجوي تتميز بارتفاع معدلات الأوزون فيها، وتُشكل طبقة واقية للأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة القادمة من الشمس، إذ تعمل على حجب نسبٍ كبيرة منها بما يضمن التوازن البيئي لاستمرار دورات الحياة الطبيعية للكائنات الحية على الأرض.

وتستأثر طبقة الأوزون وسبل حمايتها بمكانة مركزية في النقاش الدائر على المستوى الدولي بشأن الحد من التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، وهما ظاهرتان ترتبطان بشكلٍ كبير بحالة طبقة الأوزون.

التسمية والتكوين
تجد طبقة الأوزون تسميتها في احتوائها على كميات هامة من الأوزون، ناتجة عن تفاعل الأكسجين مع أشعة الشمس، إذ تتكسر الرابطة الثنائية التي تربط ذرتيه ( O2) وبالتالي تلجأ الذرات المتكسرة إلى الاتحاد مع ذرات أخرى سليمة وذلك بدافع الاستقرار، فينتج من هذا التفاعل الكيمائي عنصر ثلاثي الرابطة ( O3 ) هو الأوزون، وهو غاز أزرق سام نتن الرائحة.

ويعتبر وجود الأوزون في طبقات الجو العليا عاملا رئيسيا للحفاظ على  الحياة واستمرارها، إذ يعمل كحاجب واق للأرض بنسبة 95% إلى 99% من أشعة الشمس فوق البنفسجية المسببة لسرطان الجلد إذا ما تعرض لها الإنسان بكثرة.  

الدور
تشكل طبقة الأوزون درع الأرض الواقي من حرارة الشمس القاتلة للحياة، ومن الأشعة فوق البنفسجية التي تصدرها والتي لها تأثيرات مدمرة على الحياة على كوكب الأرض إذا وصلتها نقية ودون تصفية ولا فرز، وهذا هو الدور الذي تقوم به طبقة الأوزون، إذ تعترض الأشعة الشمسية في الغلاف طبقة الغلاف الجوي المسماة (ستراتوسفير) فتعكس 50% منها وتعمل على امتصاص جزء آخر لكي تصل في النهاية إلى الأرض نسبة قليلة تناسب الحياة القائمة على الكوكب.

وتجري هذه العمليات وفق تفاعلات معقدة لعنصر (ديوكسين) مع أشعة الشمس تختلف باختلاف الفصول وباختلاف مستويات واتجاهات هبوب الرياح، وهو ما يفسر تفاوت معدلات الأوزون في الغلاف الجوي حسب المناطق والفصول.

ثقب الأوزون 
منذ اكتشافها من طرف عالمين فرنسيين عام 1913، أظهرت الدراسات التي أجريت على طبقة الأوزون هشاشتها الشديدة والتقلبات الكثيرة والفجائية التي تخضع لها نتيجة النشاط البيولوجي للكائنات الحية على الأرض، فطبقة الأوزون حساسة لكل الغازات والرياح المنبعثة من الأرض.

وقد أكدت دراسات عدة تباين معدلات الأوزون في أنحاء الأرض، فهي مثلا كبيرة في الغلاف الجوي فوق القطبين الشمالي والجنوبي وقليلة فوق المنطقة الاستوائية والمدارية، ففوق القطب الجنوبي توجد ثغرة كبرى تبلغ مساحتها ضعف مساحة الولايات المتحدة الأميركية تُسمى ثقب الأوزون الأعظم، كما يوجد ثقب آخر أقل أهمية في القطب الشمالي وإن كان أكثر إثارة لقلق الباحثين، نظرا لكون منطقة القطب الشمالي قريبة من تجمعات سكانية كبيرة في أوروبا و أميركا الشمالية وآسيا.

وتُكذب نتائج الدراسات بشأن توزع كثافة الأوزون الانطباع السائد والقائل بارتباط سمك الطبقة بقوة الشمس وتعامد أشعتها نظرا لأن الأوزون ينتج من تفاعل أشعة الشمس مع الديوكسين، وبالتالي فهناك عوامل كثيرة تحكم هذا التوزيع، وإذا نظرنا إلى كثافة الأوزون حسب الفصول نجد أنه يكون في المستويات العليا لكثافته بالجو في فصل الربيع وليس الصيف الذي تكون فيه أشعة الشمس أشد قوة.

وأعرب علماء في أواسط السبعينيات من القرن العشرين عن قلقهم من أن المركبات الكيميائية المسماة "الكلوروفلوروكربون" هي المسؤولة عن خرق طبقة الأوزون الواقية للأرض.

المخاطر
من النتائج المباشرة والفورية لدمار طبقة الأوزون ظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت الشغل الشاغل للمجموعة الدولية التي اتفقت خلال مؤتمر باريس للمناخ (نوفمبر/تشرين الثاني 2015) على العمل لخفض انبعاث الغازات الدفيئة بما يُمكن من تجنب ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين عند النهاية القرن العشرين مقارنة بما قبل الصناعة.

تحمي طبقة الأوزون الأرض من الموجات (الفوق بنفسجية) ذات التردد العالي القادمة من الشمس، وهي موجات مسببة لأنواع عدة من السرطانات أبرزها سرطان الجلد، كما يستشعر الإنسان انخفاض معدلات الأوزون في الجو من خلال ضيق في التنفس وإرهاق شديد ومستمر.

الطبقة المهددة
يُشكل انبعاث الغازات الدفيئة أكبر خطر على طبقة الأوزون خاصة أوكسيد النيتروجين ومركبات (الكلورو فلورو كربونات) المنبعثة من المصانع ومحركات الطائرات النفاثة التي تحلق على ارتفاعات شاهقة وتخرق طبقة الأوزون التي توجد على ارتفاعات تتراوح بين عشرين وخمسين كيلومتر من سطح الأرض.

وفي ضوء التعبئة الدولية من أجل كوكب الأرض، أجريت دراسات عدة لاستكشاف مصادر جديدة للطاقة تكون أقل تلويثا من المصادر الأحفورية، وفي هذا الصدد ظهرت طاقات بديلة، منها الطاقة الريحية والمائية والشمسية.

المصدر : الجزيرة