ما يجب أن تعرفه عن جزيرة "سواكن" السودانية

جزيرة سواكن (الاناضول)
"سواكن" جزيرة سودانية تطل على البحر الأحمر، تبلغ مساحتها عشرين كيلومترا مربعا. حظيت باهتمام الحضارات الكبرى في المنطقة، وعادت إلى واجهة النقاش مجددا بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان، حيث تعهد بإعادة بناء "الجزيرة التاريخية".

الموقع
تقع "جزيرة سواكن" على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرقي السودان، عند خطي عرض 19.5 درجة شمالا، وطول 37.5 درجة شرقا، وترتفع عن البحر 66 مترا، وتبعد عن الخرطوم حوالي 560 كيلومترا، وعن مدينة بورتسودان -ميناء السودان الرئيس- زهاء 70 كيلومترا.

وهي "جزيرة مرجانية"، انهارت منازلها وعمرانها، وتحولت إلى أطلال وحجارة تحكي ثراء تاريخ غابر دارس، أما سواكن المدينة فمنطقة واسعة يدخلها لسان بحري، يجعل منها ميناء طبيعيا.

المساحة
تبلغ مساحة "جزيرة سواكن" عشرين كيلومترا مربعا، وفيها أكثر من 370 قطعة أرض سكنية وحكومية، ستقوم الحكومة التركية بإعادة ترميمها وجعلها منطقة سياحية.

التسمية
تختلف الروايات حول تسميتها، ويرجع البعض اسمها إلى السكنى، فيما يقول آخرون إن لفظة سواكن تعود إلى اللغة المصرية.

لكن الخيال الشعبي يحيط بالجزيرة هالة "سحرية" على الدوام، فيرجع اسمها إلى عبارة "سوّاه-جِن"، أي شيدها الجن، فمبانيها الضخمة لا يستطيع بناءها إلاّ "الجن".

وتؤكد الأساطير والمرويات الشعبية وجود قطط ضخمة في الجزيرة، حيث يتداول السكان أن "قطط سواكن" تناجي بعضها ليلا، وتحادث الناس، وتضئ بعيونها الضخمة عتمة الليل، وهي تصطاد الأسماك.

وللأسطورة فوائدها، فهي تلهب خيال السياح والزوار، وتنثر أجواء من الرهبة والغموض، استغلها العقل الشعبي لحماية أسطورته مصدر رزقه.

التاريخ
"سواكن" منطقة موغلة في القدم، شهدت عصور البطالسة واليونانيين والمصريين والعثمانيين، حيث عبروها إلى "بلاد بنط" أو الصومال الحالية.

وذكرت كتابات المؤرخ الهمداني في القرن العاشر أن هناك "بلدة قديمة" صغيرة (سواكن) ازدهرت بعد التخلي عن ميناء "باضع"، وهي "مصوع" الحالية في دولة إريتريا.

استولى الملك المملوكي الظاهر بيبرس عام 1264 للميلاد على سواكن، ولم يبق فيها طويلا، لكن رجاله عادوا واعتمدوها ميناء بعد أن دمروا ميناء "عيذاب" إلى الجنوب.

واختارها السلطان العثماني سليم الأول عام 1517، مقرا لحاكم "مديرية الحبشة العثمانية" التي تشمل مدن "حرقيقو ومصوع" في إريتريا الحالية.

ولاحقا ضُمّت لولاية الحجاز العثمانية تحت إدارة "والي جدة"، ثم رفضت الدولة العثمانية ضمها إلى مصر في عهد محمد علي باشا، بل أجرتها له مقابل مبلغ سنوي، ثم تنازلت له عنها مقابل جزية سنوية في 1865.

لاذت بها جيوش "لورد كتشنر" البريطانية في مواجهة هجمات جيوش القائد المهدوي "عثمان دقنة"، إبان عهد الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان.

بعد هزيمة الثورة المهدية، واسترداد البريطانيين للسودان سنة 1899، أنشؤوا ميناء بديلا في بورتسودان، وزعموا أن ميناءها غير ملائم للسفن الكبيرة.

مباني الجزيرة مشيدة على طابقين أو ثلاثة، ومبنية بالحجر المرجاني المطلي بالأبيض، ولها شرفات ونوافذ كبيرة، بطراز معماري يشتبك فيه التركي بالمملوكي بالبريطاني. 

صورة لجزيرة سواكن السودانية (ناشطون)
صورة لجزيرة سواكن السودانية (ناشطون)

زارها رحالة كثر، من بينهم "ابن بطوطة" و"صمويل بيكر" وغيرهما، كما زارها قادة وزعماء، من بينهم خديوي مصر عباس حلمي واللورد اللنبي المندوب السامي البريطاني في مصر.

حرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على زيارة "سواكن"، مقتفيا بذلك خطى "أجداده العثمانيين" الذين حكموا المدينة أيام الخلافة، وذلك في زيارة تاريخية للسودان بدأها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2017.

وزار أردوغان وقرينته "أمينة" المنطقة بضيافة الرئيس السوداني عمر البشير، واعتبرت بالنسبة لمراقبين زيارة ملهمة ومثيرة، يتوقع أن تجعل جغرافيا جزيرة "سواكن" وتاريخها أكثر إثارة، بعد أن أصبحت آثارها موعودة بالترميم من جانب أنقرة.

الرئيس أردوغان تعهد بإعادة بناء "الجزيرة التاريخية"، وعلى الفور وجّه الرئيس البشير بتكوين لجنة لمناقشة وضع الجزيرة مع أصحاب المنازل، وشراء الأرض منها وتعويضهم من قبل الحكومة الاتحادية.

وأيدت السلطات المحلية قرار "ترميم جزيرة سواكن"، وقال معتمد "سواكن" خالد سعدان -في تصريحات أثناء الزيارة- إن "إعادة بناء المدينة التاريخية ينشط السياحة والاستثمارات".

وحمّل سعدان المسؤولية عن دمار سواكن للاحتلال البريطاني الذي هدم معالمها لإخفاء هويتها الإسلامية، بقوله إن "سواكن كانت جزيرة إسلامية، أهملت ودمرت من المستعمر، للقضاء على معالمها الإسلامية".

وقال عمدة "سواكن والأرتيقا" محمود الأمين إن "سواكن كانت عاصمة الديار الإسلامية على ساحل البحر الأحمر وشرق أفريقيا".

ولسواكن أهمية إستراتيجية تكمن في كونها أقرب الموانئ السودانية إلى ميناء جدة الإستراتيجي السعودي على البحر الأحمر، حيث تستغرق رحلة السفن بين الميناءين ساعات قليلة.

وخلال الأعوام القليلة الماضية، بات السباق كبيرا على البحر الأحمر الذي يعتبر ممرا لنحو 3.3 ملايين برميل من النفط يوميا، كما أنه يشكل المعبر الرئيس للتجارة بين دول شرق آسيا، ولا سيما الصين والهند واليابان مع أوروبا.

وبين سواكن وجدة تاريخ مشترك وقرابة أسرية، حتى أن العمارة متشابهة بينها وبين جدة القديمة.

المصدر : وكالة الأناضول