مدينة نمرود الأثرية درة الحضارة الآشورية

iRAQ - MARCH 20: Buildings in Nimrud, Iraq. Assyrian civilisation, 13th-8th century BC. (Photo by DeAgostini/Getty Images)
صمم التخطيط العام لمدينة نمرود على شكل مربع محاط بسور طوله ثمانية كيلومترات (غيتي)

تعد مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل درة الحضارة الآشورية، فهي كنز لأهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. وأشهر مواطن الآثار في بلد عرف بأنه مهد للحضارات. سيطر عليها تنظيم الدولة عام 2014، وبعد عامين أعلن الجيش العراق استعادتها بمعركة الموصل.

الموقع
تقع المدينة التاريخية عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كلم إلى الجنوب من الموصل، كبرى مدن شمال العراق.

وصمم التخطيط العام لمدينة نمرود على شكل مربع محاط بسور طوله ثمانية كيلومترات، ومدعم بأبراج دفاعية. وفي الزاوية الجنوبية من السور يوجد تل نمرود.

التاريخ
يعود تاريخ تأسيس نمرود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، وقال عالم الآثار العراقي في جامعة ستوني بروك الأميركية حيدر حمداني لوكالة الأنباء الفرنسية إن "نمرود كانت عاصمة آشور في العصر الآشوري الحديث".

وقد أسس المدينة الملك شلمنصر الأول، ولكنها ظلت مغمورة حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثاني مقرا ملكيا له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فجددها ووسع في قلعتها وفي المنطقة خارج الأسوار. ثم أكمل ملوك من بعده بناء المدينة. وعلى مدار تاريخها تعاقبت عليها شعوب وشهدت ديانات وثقافات عديدة.

وبدأ ذكر المدينة لدى علماء الآثار عام 1820، ثم جدّ علماء أجانب في استكشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة.

فقد اكتشف خبير الآثار البريطاني أوستن لايارد مدينة نمرود في القرن التاسع عشر، ثم نشط عالم الآثار البريطاني ماكس مالوان في الموقع خلال الخمسينيات من القرن الماضي، واستلهمتها زوجته الروائية أغاثا كريستي في رواياتها، ومنها "جريمة في قطار الشرق السريع" و"جريمة في بلاد الرافدين".

النهب والتدمير
تعرضت مدينة نمرود على مدار تاريخها لعمليات نهب مختلفة، منها ما كان إبان الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بالتزامن مع عملية نهب واسعة لمختلف الآثار العراقية.

وفي عام 2014 قام تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد منتصف يونيو/حزيران في 2014 بتجريف مدينة نمرود الأثرية بالآليات الثقيلة، ما اعتبرته وزارة السياحة والآثار العراقية انذاك "اعتداء" على المعالم الأثرية التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده".

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، انطلقت معركة الموصل بمشاركة 45 ألفا من القوات التابعة لحكومة بغداد، مدعومين بالحشد الشعبي وحرس نينوى، إلى جانب قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، وبتغطية جوية من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وبعد نحو شهر من انطلاق العملية، أعلن الجيش العراقي سيطرته على ناحية النمرود جنوب الموصل بعد مواجهة عنيفة مع تنظيم الدولة الإسلامية. وقال الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله قائد عمليات تحرير نينوى إنه تم "تحرير ناحية نمرود بالكامل ورفع العلم العراقي فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأوراح والمعدات".

المعالم
نمرود من المواقع الأثرية المرشحة لتدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). واسمها المعتمد هو الاسم العربي للمدينة التي كانت تعرف أساسا باسم "كلحو".

ومن معالم نمرود الأثرية تماثيل الثيران المجنحة الشهيرة ذات الوجوه البشرية ويطلق عليها اسم "لاماسو" وتقف عند مداخل قصر "آشور ناصربال الثاني" ملك الإمبراطورية الآشورية في القرن التاسع قبل الميلاد ومعابد قريبة من الموقع.

ومن أبرز الآثار التي عثر عليها في الموقع "كنز نمرود" الذي بدأ التنقيب عنه عام 1988 وانتهى بعد أربع سنوات، وهو 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب.

ووصف العديد من علماء الآثار هذا الاكتشاف بأنه الأهم منذ اكتشاف قبر الملك الفرعوني توت عنخ آمون في العام 1923.

ويعود تاريخ الكنز إلى نحو 2800 عام، وقد أخفته السلطات العراقية حينها بعد فترة قصيرة من العثور عليه.

وعثر على الكنز محفوظا في المصرف المركزي العراقي، بعد أسابيع من سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين إثر دخول القوات الأميركية بغداد في أبريل/نيسان 2003.

وعن قصة كنز نمرود الأسطوري، يقول خبير الآثار العراقي بهنام أبو الصوف للجزيرة نت إنه يتكون من حوالي 45 كيلوغراما من المصوغات الذهبية ومجموعة من القطع الأثرية النادرة، وكشف أن المصوغات الذهبية تعود إلى ملكتين آشوريتين وأنها دفنت بعد موتهما في قبريهما بالقصر الشمالي الغربي للملك آشور ناصربال الثاني في نمرود.

ونقل عدد من آثار نمرود من الموقع الأثري إلى متاحف عدة، بينها متحفا الموصل وبغداد، إضافة إلى متاحف في باريس ولندن وغيرها. لكن أبرز القطع، مثل التماثيل الآشورية الضخمة للثيران المجنحة ذات الرأس البشرية، والقطع الحجرية المنقوشة، بقيت في الموقع.

المصدر : الجزيرة + وكالات