شعار قسم مدونات

قبل أن يصبح "التفنيش" هما بالليل وذلا بالنهار!

blogs حزن

اليوم: الخميس

الساعة: العاشرة صباحا

الحدث: أخبار تتردد في المؤسسة سوف ينهون خدمات 20% من العاملين، وأخبار أخرى بأنهم سوف يخفضون الراتب إلى النصف أو حول ذلك بقليل.

 

تضطرب أعصاب الزوج وربما تدخل الزوجة في حالة من الهلع، وتبدأ نظرات الصغار الحائرة تدور في البيت بحثاً عمن يطمأنهم بأن الأمور ستكون على ما يرام ولكن دون جدوى، لا تزال أخبار الإنهاء لخدمات المقيمين بدول الخليج تتردد في كل مكان، وكذلك التقليل بالرواتب ويتخلل الأخبار مشاهد مؤلمه لمن باع اثاثه وممتلكاته بربع الثمن أو حتى اضطر لتركها بالشارع، فهل إلى خروج من سبيل ! فقبل أن يصبح الأمر تراجيدياَ مأساوياَ علينا أن نسابق الأحداث فربما إن لم نكن قادرين على تغييرها، أن نكن قادرين على التقليل من تداعياتها .

 

سنتعرض في هذا المقال لبعض الخطوات البسيطة التي من شأنها أن تساعد في التعامل مع هذا الوضع، سواء حدث إنهاء الخدمات الإجباري، أو انخفاض مستوى الدخل، وكل سبب آخر من شأنه أن يعرض الأسرة إلى الانتقال من مستوى اقتصادي أعلى إلى مستوى آخرأدنى رفاهية وأقل تلبية لاحتياجات الأسرة المعتادة.

تأهيل النفس والأسرة بقيم الترشيد

تأهيل النفس وأفراد الأسره لوضع اقتصادي مختلف يتطلب "الترشيد" من الجميع، حتى الأطفال الصغار سنحاورهم ونناقشهم بصوت مطمئن واثق بالله، ولنبدأ ممارسة أدوار ترشيدية في مواقف حياتهم اليوميه البسيطه (كنوعية الطعام – كميات الحلوى – اللعب). وليكن أهم ما نراعيه في هذه النقطه أن نفعل ذلك بذكاء وتعزيز واعلاء قيم قوة الإرادة والتعاون لأجل حياة أكثر سعادة واستقراراً، ولا يكون طرحاً تقليديا أحمقاً يحول التجربة إلى شعوراً بالحرمان والمعاناة، ولنعلم جميعا أن كل جهد سنبذله من أجل تحقيق هذه الخطوة حالياً ومهما كان شاقاً، فإنه أهون بكثير مما قد نضطر لدفعه مستقبلاً لجيل تم تحقيق كل رغباته بدون مقابل يذكر.

blogs - تفكير (مواقع التواصل الاجتماعي)

 مفهوم "الحياة البسيطة" Minimalism:

استخدم هذا المصطلح في العقود الأخيرة كوصف لأسلوب العيش البسيط الذي انتهجته حركة اجتماعية أمريكية ضد أسلوب الحياة المادي الاستهلاكي المسيطرعلى العديد من الدول والثقافات، وهو باختصار المفهوم الذي يمكن تعريفه بجزء من حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه :" هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى"، ففي هذه الخطوة الهامة جدا سنسعى للتخفف من الزاد قدر الإمكان (بيع الأشياء الغير ضرورية ومرغوب فيها من الغير – جمع ما لايستعمل إلا على فترات متباعدة في حقائب السفر – التخلص من الكراكيب الواضحه : وهي الأشياء التي نعترف بيننا وبين أنفسنا بأنها كراكيب بالفعل، والكراكيب الأخرى الخفية : وهي ما تقول لنفسك حوله "ربما استعمله في يوم ما")، وللمزيد من المعلومات حول هذه النقطة ادعوكم لمتابعة حلقات "تبسيط الحياة " على صفحة "علي وكتاب" باليوتيوب.

الخطط البديلة

-هل يمكن أن ننتقل إلى سكن إيجاره أقل؟

-هل سنضطر إلى المغادرة إلى جهة أخرى في بلد أخر؟

-ما هو الاحتمال الأفضل لوجهتنا المقبلة؟

-ماهي المتطلبات التي علينا العمل عليها من الآن لتيسيرالعيش هناك؟

-ماهي المسارات أو المنافذ التي يمكننا التحرك بها من الآن لضمان دخل مقبول يساعد؟

 

قد تبدو هذه الأسئلة للوهلة الأولى اسئلة مثيرة للخوف أو القلق، وربما يحيد عنها البعض من باب الهروب، غير أنه إن سبق تلك الجلسة بالورقة والقلم، ركعتين تطلب فيها العون من الله، واستشارة ذوي الخبرة في الأمر، فقد تدهشك النتائج من البركة والتيسير فيما تخطه بيمينك. الخطوات السابقة كلها تفيد الجميع سواء من تعرض لهذا الابتلاء أو لا وقد توصف بأنها خطوات استباقية يفيد كثيراً الأخذ بها قبل تلقي أي أخبار من شأنها التحول المفاجىء في مستوى الأسرة الأقتصادي، هذا وإن كانت تصلح أيضاً بعد تلقي الخبر، غير أن الخطوتين الآتيتين هما الخطوات الأهم عند تلقي الخبر وبعده مباشرة.

تقبل المشاعر الصعبة وتقليمه

المشاعر هي الجيش المحرك لجميع تصرفاتنا، وخصوصاً إن غاب ملك العقل والحكمة عن المشهد، لذلك فتقبل المشاعر الصعبة المصاحبة لتلقي مثل هذه الأخبارواحترامها ومعالجتها إيمانياً بكثرة الاستغفار والدعاء بالسجود وسماع مواعظ عن الصبر والرضا وأيضا دروس حول أسماء الله الحسنى (الرزاق – الرازق – الوكيل – الواسع – الوهاب – الحفيظ – الولي)، وكذلك محاولة التخفيف من أثرها نفسياً بمشاركتها الأشخاص الصحيحة أو المختصيين كالايف كوتشز وغيرهم، وكذلك كل خطوة من شانها أن تساعدك في إدارة هذه المشاعر بصورة تنعكس على تصرفاتك بشكل إيجابي.

الحديث الذاتي الإيجابي

اقوالنا لها مفعول السحر على مشاعرنا ومن ثم تصرفاتنا، فترديد بعض الكلمات الطيبة ذات الفأل الحسن من شأنها فعل الكثير، فلعل كلمات من صنف "رب هنا رب هناك"، "اللي خلقنا مش هيضيعنا"، "محدش بيموت م الجوع"، "الرزق مش كله فلوس"، "صحتك بالدنيا". كلمات تعالج الكثير بطيب أثرها، وبالأخير هذا الابتلاء كمثله من الابتلاءات يعد محطة للعبد لابد من أن يقف مع نفسه فيها وقفه ليحاسب نفسه ويراجعها، فيستغفر من الذنوب ويتوب عن المعاصي ويسارع في الطاعات والصدقات التي من شأنها أن تبارك في الأرزاق.

 

وكما قال الأعرابي للرشيد: يا أمير المومنين ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها، بإدامه شكرها، وحقق لك النعم التي ترجوها، بحسن الظن به ودوام طاعته، وعرفك النعم التي أنت فيها، ولا تعرفها لتشكرها. فأعجبه ذلك منه،وقال:ما أحسن تقسيم هذا الأعرابي، هذا واسأل الله أن يصب علينا الخير صباً صبا، ولا يجعل حياتنا كداً ولا نكدا وأن يرزقنا من الخير فوق ما نرجو ويصرف عنا من السوء فوق ما نحذر وأن يسكن دواخلنا من لدنه طمأنينة لا تزول ولا تفنى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.