شعار قسم مدونات

سنقاطع منتجات إسرائيل وترمب!

Blogs- مقاطعة إسرائيل
رغم أنّ المقاطعة تعد فكرة قديمة إلّا أنّها لم تنتشر بشكلٍ كافٍ، فلا زلنا نشاهد محلّات فلسطينية تجارية في أماكن متعدّدة تمتلئ رفوفها بالبضائع الإسرائيليّة أو الأمريكية رغم الحملات الإعلانية والإعلامية التي انتشرت وبيّنت أهميّة المقاطعة، وكيف يتكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بسببها.
 
قبل أشهر عدّة، عدتُ من بيروت محمّلة بتجربة جميلة حول مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي، حيث لا يتواجد أيّ منتج يحمل ختماً لهم أو مستورداً عن طريقهم في أيّ مكانٍ، فيما انقطعنا عن الاتصال تماماً حال وصولنا مطار رفيق الحريريّ لأنّ شرائحنا الفلسطينيّة تحمل كوداتٍ اسرائيلية، فيما لا تُمنح تأشيرة سفرٍ لمن جوازه الفلسطينيّ مختوم بختم إسرائيليّ، ويُمنع من دخول لبنان منعاً تاماً. خلال تجوالنا في بيروت استمتعنا بفكرة المقاطعة التي تحدّث لنا عنها أصدقاؤنا اللبنانيّون، رافضين فكرة وجودها بقناعة تامّة سواءً بمنتجاتهم أو حتى الحديث معهم، فيما يتمتّع الأمن اللبناني بحرفيّة عالية ورقابة شديدة على الاتصالات التي تكشف عن أيّة جهة اتصال مع الاحتلال الإسرائيلي بسرعة مذهلة.
 
حدّثتنا صديقة، أيضاً، أنّ سوريا تقاطع البضائع الإسرائيلية تماما بناءً على وعي مطلق منهم، ورغم مقاطعة بعض الدول العربية لمنتجات الاحتلال الإسرائيلي إلا أنّنا في فلسطين لا نقاطع بضائعهم كاملاً، مع أنّنا نعاني منهم المرارة. فهل نجحت فكرة المقاطعة المؤقتة في توعية الشعب الفلسطينيّ بأهميّة عدم الشراء من منتجاتهم؟ ولما لا تزال بعض المحلات التجارية في فلسطين تملأ رفوفها بالمنتجات الإسرائيليّة؟ وهل مقاطعتهم بكافة الطرق ستكون أداة للضغط؟
 
تجربة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي في بيروت أردتُ نقلها إلى فلسطين، مع أنّني مقاطعة لأي منتج إسرائيلي سابقاً، دخلت إلى أحد المحلات سائلة إيّاهم عن سبب بيعهم لمنتج الاحتلال الإسرائيلي، أجابوا أنّه الأفضل من ناحية الجودة والتصنيع، ولا يوجد منافس فلسطينيّ له، فيما اكتفوا بعدم الرد حين سألتهم: "كيف لكم أن تبيعوا منتجاً لهم قد يقتل ابناً لكم؟"، مع أن هذا السؤال باتَ لا يجدي نفعاً، ونحن بحاجة إلى طريقة توصل الفكرة بشكلٍ أقوى.
 

تحتّم علينا أن نعمل أكثر على مقاطعة أيّ منتج إسرائيليّ أو أمريكيّ مع الاهتمام بفكرة التوعية لأن خط الإنتاج الذي يصل إلى فلسطين مغاير تماماً لخط الإنتاج الذي يبيعونه لأنفسهم
تحتّم علينا أن نعمل أكثر على مقاطعة أيّ منتج إسرائيليّ أو أمريكيّ مع الاهتمام بفكرة التوعية لأن خط الإنتاج الذي يصل إلى فلسطين مغاير تماماً لخط الإنتاج الذي يبيعونه لأنفسهم
 

مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إسرائيل عاصمة للقدس، قاطعت فئة كبيرة من الشباب الفلسطينيّ تحديداً كلّ ما له علاقة بإسرائيل وأمريكا في الجامعات الفلسطينيّة، وعملوا على نشر هذه الفكرة عن طريق منصّات التواصل الاجتماعي باختلاف أشكالها، لتصل فكرة التوعية إلى أكبر عدد ممكن، فيما استهجنوا من ينشر دعماً لأيّ نشاطٍ أو فعالية تتعلّق من قريبٍ أو بعيد أو تحمل اسماً لأمريكا أو اسرائيل. لا تزال بعض المؤسسات المموّلة أمريكياً تنشر أفكارها بالخفاء تحت اسم التدريب الشبابيّ، وتعمل على الالتفات نحو القضايا الاجتماعية والتسلية أو الترفيه بعيداً عن السياسة والقضية الفلسطينية، أي تُبقيهم تحت تأثير المخدّر.

 
منذ فترة، وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني لمنحة مموّلة كاملة لدراسات عليا في الخارج، تتبّعت عن طريق الموقع الإلكتروني لهم معلوماتٍ عنهم فوجدت أنها ممولة من مؤسسة إسرائيلية، اكتفيت بعدم الردّ، وسردتُ ما قمت بعمله لأحدٍ يكتب كثيراً ضدّ التطبيع، فأجابني: "أضعتِ فرصة قيمة"، لذلك نحن بحاجة لأن نكتب ما نَعي حقيقة ثمّ ننفذّه دون الالتفات إلى مصالحنا الشخصيّة حين يكون الوطن قضية بأنفسنا.
 
فكرة التطبيع المرفوضة تماماً لدى فئة كبيرة واعية من الشباب الفلسطينيّ تحتّم علينا أن نعمل أكثر على مقاطعة أيّ منتج إسرائيليّ أو أمريكيّ، مع الاهتمام بفكرة التوعية، لأن خط الإنتاج الذي يصل إلى فلسطين مغاير تماماً لخط الإنتاج الذي يبيعونه لأنفسهم. تنتشر فيديوهات كثيرة من حملات مقاطعة الاحتلال الإسرائيليّ توصل رسالة قوية بأهميّة زيادة وتشجيع الاقتصاد الفلسطيني، والابتعاد عن هذه المنتجات التي ليس من الضروري شراؤها في وقتٍ نعاني فيه من احتلال يجب محاربته بكافة الطرق. ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من خسائر جمة بسبب استهلاك المواطن الفلسطيني لمنتجات الاحتلال الإسرائيليّ والأمريكي، لذلك يجب إيجاد طرق فعالة وناجحة لمنع المواطن الفلسطيني من الشراء تبدأ بالتفكير الذاتيّ والوطني ثمّ منع المستوردين من جلب البضائع الإسرائيلية والأمريكية للمحلات الفلسطينية.
 
وتبدأ فكرة التوعية انطلاقا من المدارس الابتدائية لتنهض بأهميّة المقاطعة، ثمّ تنتقل إلى الجامعات من خلال المحاضرات والفعاليات لتصل بعدها إلى المجتمع بأكمله، ولا ننسى أهميّة دور الأهل في التنشئة لهذه الفكرة. يجب على الإعلام الفلسطينيّ أن يواصل فكرة المقاطعة كاملة من خلال نشر أسماء المنتجات الاسرائيلية والأمريكية والشركات التابعة لهم لمنع شرائها، وتسليط الضوء على محلّلين اقتصاديين يوصلون أهميّة المقاطعة بسلاسة إلى المجتمع مع التركيز على جودة المنتج الفلسطينيّ ونوعيّته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.