شعار قسم مدونات

مسلمو ميانمار.. الإنسانية المفقودة

Rohingya refugees walk on the shore after crossing the Bangladesh-Myanmar border by boat through the Bay of Bengal in Shah Porir Dwip, Bangladesh September 11, 2017. REUTERS/Danish Siddiqui
تعيش الإنسانية اليوم أسوأ الفترات في تاريخها منذ الحرب العالمية، تتحدث سطور التاريخ عن أيام سوداء عاشتها القارة العجوز، يوم ارتكبت أبشع المجازر في حق الإنسانية وقتل ملايين البشر لمجرد أحلام سياسية كانت تراود زعيما، ويومها وقف العالم على قدم ساق لأمر كأمر مسلمي ماينمار، قيل يومها إن تطهيرا دينيا حدث في حق يهود ألمانيا فيما يعرف بالهولكست الذي لا يزال العالم يستنكره إلى يومنا هذا، كما يستنكر سنين أوروبا السوداء، أما بورما فحكاية مؤلمة وقصص تعجز الكلمات عن وصفها، تشبه حريق الحرب العالمية وخسائرها، ولكن القتيل ليس نفس القتيل، والجاني حليف مرضي عنه فيما يبدو. وذالك بمنطق السياسيين يكفي لتفعل كل شيء.
ذلك التاريخ الأسود والحاضر والوقائع المفزعة لم يثن ساسة أوروبا التي قام اتحادها على الدفاع عن الإنسانية ولا حتى الأمم المتحدة راعية حقوق الإنسان، لم يثنها عن غض الطرف عن جرائم التصفية الدينية بماينمار. هل سمعت أيها العالم الإنساني بمئات ماتوا اليوم غرقا وهربا من الموت والتصفية الجسدية أو القتل حرقا ولسبب واحد هو اختلاف الديانة. إنها حقا مأساة القرن تلك التي يعيشها إقليم أراكان بمسلميه من الروهينغا، ذلك الإقليم الموجود حقا بمعاناته ساكنيه واللامجود في حسابات السياسيين والمنظمات الحقوقية وأولها أكبر المنظمات العالمية منظمة الأمم المتحدة التي تغض الطرف غالبا حينما يكون الطرف المعتدى عليه مسلما أو من دولة فقيرة.

أليس السلاح النووي المحرم على غير من لا يمتلك الفيتو، كفيلا بحماية تلك الأقلية التي يغض العالم الطرف عنها لأنها فقط أقلية مسلمة ولأنه لا زعيم لها كزعيم كوريا الشمالية!

الروهينغا الجرح الذي لا يندمل والحريق المشتعل في الشرق الآسيوي كاشتعال منازل أهله من مسلمي أراكان والتي أحرقها الجنود بدون رحمة ولا هوادة. من وجدوتموه على دين محمد فاقتلوه أو أخرجوه من أرضكم ليموت في غيرها، هكذا لسان حال حكومة الماينمارية وكأن التاريخ يعيد نفسه، ما أشبههم بكفار قريش مع تغير التاريخ واختلاف الزمان وتغير الناس وتحكم السياسة والاقتصاد في كل شيء.

أكثر من 600 ألف إنسان بين نازح ومقتول وغارق، من أصل 800 ألف مسلم من الروهينغا، وتلك كلمة لو ترجمت في قاموسنا العربي لوصلنا لمعنى الرحمة، ولكن الأرض لم تكن رحيمة بأهلها كحال العالم وقادته ومنظماته معهم. كل الذنب أن اعتنقوا ديانة الإسلام في زمن لم يعد فيه للمسلمين هيبة ولا كرامة ولا حياة لمن تنادي منهم، فهم أنفسهم تحولوا إلى قضايا ومآسي وجراح، فلم تعد تعرف هل تبكي على نهر الفرات أم تنعى صنعاء التاريخ والحضارة.

يعيش الإقليم المضطهد مأساة لم يسبق لها مثيل منذ مآسي الحروب العالمية سيئة الذكر والسمعة والذكريات، لتستحق لقب مأساة القرن، وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا لو كان كيم جي مسلما ومن الروهينغا؟ هل كان سيتركهم يرحلون ويقتلون وتحرق أماكنهم؟

أليس السلاح النووي المحرم على غير من لا يمتلك الفيتو، كفيلا بحماية تلك الأقلية التي يغض العالم الطرف عنها لأنها فقط أقلية مسلمة ولأنه لا زعيم لها كزعيم كوريا الشمالية، يحميها من غدر السياسة وتناقض العالم الحقوقي في بعض الأحيان واللا إنساني في كثير من الأزمات والمواقف والقرارات.. لتبقى الإنسانية كنعمة مفقودة وميزة من الطبيعي أنها تفرق ولا تجمع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.