شعار قسم مدونات

يقولون نصر

sword
في البداية كان اعتقادنا أن النصر هو مجرد كلمة، كلمة مسطحة بدون أي أبعاد، كنا نظن أننا بدعاء واحد فقط، صادق كان أم لا، لا يهم؛ المهم هو أنك ستدعو به، ولن يلبث إلا أن يتحقق النصر. ثم زاد فهمنا للأمر قليلاً، فعلمنا أن النصر ليس بالكلمة السطحية أبداً، وإنما هو ذو أبعاد، وأبعاد كثيرة، ولا يمكن إهمال بعد واحد منها، ولكن للأسف، لم نهتم إلَّا ببعد واحد فقط، وهو البعد الروحاني، وهو أن كل واحد منّا يجب أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن يعي كل من يقترف ذنبا ما، أنه بهذا يبعدنا عن النصر باعاً، وهذا بلا شك جانب أساسيّ جداً، بل هو الجانب الأول، والذي يجب أن نحققه في طريقنا إلى النصر. 

وللأسف! أري تلك الفكرة حاضرة في أذهان الكثيرين، الذين يظنون أنهم بمجرد التزامهم بالصلاة والسنن والأذكار وخشية الله، أنهم بهذا يحق لهم أن يجلسوا وينتظروا نزول النصر! هذه العبادات شيء أساسي، ولكنها تعد بمثابة وقودك نحو العمل على تحقيق النصر، فلا يحق لك أبداً أن تظن أنه بمجرد جلوسك ليلة الامتحان، تدعوا الله أن يجعلك من الناجحين، هكذا بدون مذاكرة أو بذل أي مجهود، تظن أنك بهذا ستنام وتستيقظ غداً، لتجد نفسك ناجحا! هذا ليس تفكير المسلم الحق أبدا، ولا خليفة الله في الأرض.

 

ليس النصر بتلك الصورة المحفوظة في أعماق ذاكرتي وذاكرتك، وهو أن يأتي بمعركة، أو غزوة ما، الأمر ليس سهلا هكذا، الأمر يحتاج إلى جهد أكبر بكثير، يحتاج منك كمسلم أن تكون رائداً في المجال الذي أنتَ فيه.

فالنصر يحتاج إلى عمل، وإلى يقين، وإلى وقود يزودك بطاقة، تجعلك تستطيع إكمال المسار، وليس النصر بتلك الصورة المحفوظة في أعماق ذاكرتي وذاكرتك، وهو أن يأتي بمعركة، أو غزوة ما، الأمر ليس سهلا هكذا، الأمر يحتاج إلى جهد أكبر بكثير، يحتاج منك كمسلم أن تكون رائداً في المجال الذي أنتَ فيه، يحتاج منك أن تبدأ بأشياء تعتقد أنها بسيطة ولكنها عظيمة جداً، يحتاج منك أن تتعامل بلطف مع عائلتك، أن تكظم غيظك في موضع ما، يحتاج منك إلى الأمانة، إلى أن تكون كريماً مع الجميع، أن تعامل الناس بلطف وأن تتحلى بعزة المؤمن، وأن لا تكون خوّاراً.

كلها أمور افتقدناها، فحينما نزل القرآن، رسّخ تلك القواعد في قلوب المؤمنين، بعدها كانوا ينتصرون في الغزوات والمعارك، ولكننا الآن نحتاج إلى أن نذكِّر أنفسنا بتلك المكارم من جديد، تلك المكارم التي مر عليها الزمان، ونساها المسلمون، بل وستجد من المسلمين من لا يعلمون أنها من الإسلام الذي يتبعونه.

نحن بحاجة إلى هدم تلك الأفكار والمعتقدات التي تربي عليها بعضنا، دون أي ربط بالإسلام، يجب أن نمهد للنصر أولاً، وهو بمثابة المذاكرة للامتحان أولاً، هو بمثابة هدم القديم الهدام، وبناء الجديد البنَّاء بإذن الله. فلا تعلق النصر على بعض الأسباب الواهية، التي تصنعها أنت لنفسك، فإذا أردت؟ يمكنك البدء في مشروع النصر الخاص بك من الآن، ويجب عليك أن تعرف أن لك دورا لا يقل أهمية عن دور "الخليفة"، لأنك أصلاً خليفة إذا فعلت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.