شعار قسم مدونات

حسين النهدي أول ضحايا ترمب

A woman wearing a Muslim headscarf walks past people holding U.S. Republican presidential nominee Donald Trump signs before the annual Muslim Day Parade in the Manhattan borough of New York City, September 25, 2016. REUTERS/Stephanie Keith/File Photo
في مساء الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي تعرض الطالب السعودي حسين النهدي لاعتداء بالضرب المبرح من قبل شخص مجهول متسببا له بإصابات خطيرة بالرأس أدت إلى وفاته رحمه الله في المدينة التي يدرس بها في ولاية ويسكنسن الأمريكية، مُببداً ذلك القاتل المجرم أحلام الطالب الذي ابتعد عن أهله وباع سيارته الخاصة ليواصل تعليمه العالي آملاً في حياة أفضل بعد عودته من رحلة العِلم و الغُربه.

هذا الاعتداء لم يكن الأول ولن يكون الأخير في قائمة الاعتداءات التي يتعرض لها الطلاب المبتعثين إضافة إلى المغتربين و المهاجرين في الولايات المتحدة، بعد أن تصاعدت في الآونة الأخيرة الحوادث العنصرية في الولايات المتحدة ضد المسلمين والعرب والآسيويين والسود وغيرهم من الأقليات التي تعيش في أمريكا سواء كانت الشرطة الأمريكية أو المواطنين البيض، وذلك على خلفية أفكار عنصرية باعثه للكراهية ضد كل من لا ينتمي للجنس الأبيض.

ويعتبر المرشح الجمهوري دونلاد ترامب المحرض الأكبر لهذه العنصرية والمحرك الأهم لها في الوقت الراهن، وتأخذ أفكار ترامب بُعد عنصرياً عرّقياً وتحكمها نظرة الاستعلاء والتحقير تجاه الآخر بغض النظر أن الآخر قد يكون أمريكياً من أصول أفريقية أو مكسيكيه أو عربيه أو أن يكون مسلماً أو بوذياً أو حتى  مسيحياً طالما أنه لا ينتمي للعنصر الأبيض الذي ينتمي إليه ترامب، فيما يستثني من الآخر أتباع الديانة اليهودية التي اعتنقتها ابنته إفانكا بعد ارتباطها برجل أعمال يهودي.

يعتبر ترامب المسلمين التهديد الأكبر للولايات المتحدة داخلياً وخارجياً، فيصف الإسلام بأنه يكره الأمة الأمريكية متهماً المسلمين بأنهم يحملون في داخلهم دوافع إرهابية

يهاجم ترامب كل هؤلاء سواء كانوا مهاجرين شرعيين يحملون بطاقات المواطنة الأمريكية أو غير شرعيين، معتبراً إياهم سبباً رئيسياً في الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية  التي تعانيها بلاده ليصفهم  بالمجرمين والمغتصبين.

ويعتبر ترامب المسلمين عموماً والمسلمين الأمريكيين خصوصاً التهديد الأكبر للولايات المتحدة داخلياً وخارجياً، فيصف الإسلام بأنه يكره الأمة الأمريكية متهماً المسلمين بأنهم يحملون في داخلهم دوافع إرهابية تجاه بلادة داعياً إلى منعهم من دخول أمريكا وإخضاع المسلمين في الداخل الأمريكي للرقابة الشديدة وإغلاق المراكز الإسلامية.

وقد أظهر ظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن المسلمين هم الأقلية التي تحظى بأكبر قدر من الكراهية بين الأمريكيين حتى الآن، وتشير إحصاءات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة كبيره بلغت 50 في المئه عن العام السابق ولا يوجد في وجهة نظري مبرر لهذه الكراهية المتزايدة إلا ما يقع في سمع و وعي المتلقي الأمريكي من تصريحات ترمب العنصرية.

تعاني أمريكا من حالة مرضية من العنصرية، ازدادت سوءاً بعد تشكُّل ظاهرة ترامب الذي سيكون في حالة فوزه  بانتخابات الرئاسة الأمريكية قد أضفى الغطاء الشرعي لهذه الممارسات العنصرية تجاه الآخر. كما أننا بالرغم من ذلك لا يمكننا أن نُحمّل ترامب وحده المسؤولية الكاملة عن العنصرية في أمريكا فهي موجودة منذ تأسيسها وقد عانت منها الكثير من الأقليات طوال قرون مضت، لكن الفارق الأهم هنا أنها أصبحت في هذا الوقت لأول مره كشعار في حملة الرئاسة الأمريكية وأحد الوعود الانتخابية لمُرشحٍ رئاسي. 

كثيرون أمثال حسين تعرضوا لاعتداءات خلال هذا العام الانتخابي في أمريكا، بعضهم قضوا نحبهم وبعضهم الآخر أنجاهم الله تعالى، لكنهم جميعاً كانوا ضحايا خطاب العنصرية والكراهية الذي يعم الولايات المتحدة والغرب تجاه الآخر والمسلمين تحديداً والذي يحمل لواءه الآن دونالد ترامب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.